كما تدين تدان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى:( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء, وتنزع الملك ممن تشاء. وتعز من تشاء .وتذل من تشاء. بيدك الخير انك على كل شئ قدير) صدق الله العظيم
قضت حكمت الله جل شانه ان يكون الناس بين بسط وقبض وعطاء ومنع وغنى وفقر وصحة ومرض وعزل وذل وفراغ وشغل وحرب وسلام واجتماع وافتراق وحب وبغض وغير ذلك من اعراض.
اقتضت حكمته تعالى ذلك تحقيقا لضعفهم امام الربوبية , وامتحانا لهم بكلا الامرين( من نعمة ونقمة) وتمحيصا لصابيرن وتمييزا للمنافقين . فالانسان لايضمن لنفسه في هذه الحياة الدنيا ان تجري اموره على نسق واحد , سنة الله في خلقه, ولن تجد لسنة الله تبديلا.
اذا علمت ذلك عرفت ان الدهر يومان . يوم لك ويوم عليك. فان كان لك فلا تبطر. وان كان عليك فاصبر. فكلاهما سينحسر( ينكشف ويزول) وكما يدين افتى يدان.
واليكم حكاية في هذا الموضوع فيها عظة وذكر لاولى الالباب .
حدث اهل الادب ان رجلا جلس يوما ياكل هو وزوجته وبين ايديهما دجاجة مشوية ، فوقف سائل يطرق الباب ويقول: مسكين منقطع وابن سبيل، يطلب من الله مايسد به رمقه ويقيم به اوده وصلبه. فخرج اليه الرجل غاضبا ونهره وزجره ورده ردا غير كريم .. فانصرف السائل كاسف البال كئيبا حزينا.
ودارت الايام دورتها واذا ذلك الرجل قد افتقر بعد غنى وزالت عنه النعمة واحتاج الى السؤال. فلم يطق على ذلك صبرا.. فرحل عن بلده يضرب في الارض ويعيش على احسان المحسنين، وصدقات المتصدقين.
وكان قد طلق زوجته قبل رحيله، ثم انها تزوجت من رجل اخر في بلدة غير بلدها، وقد اتفق ان جلس زوجها الثاني ياكل معها في بعض الايام وبين يديهما دجاجة مشوية وبعض ارغفة، واذا بسائل يطرق الباب ويقول: منقطع وابن سبيل ، فقال الرجل لزوجته ، احملي الدجاجة وادفعيها اليه، ومعها هذان الرغيفان. فخرجت بجميع ذلك اليه، فاذا هو زوجها الاول. فدفعت اليه الدجاجة والرغيفين، ورجعت مكانها باكية. فسالها زوجها فاخبرته ان السائل كان زوجها الاول، وذكرت له قصته مع ذلك السائل الذي انتهره وزجره ، ورده اقبح رد.
فهز الرجل راسه واطرق قليل ثم قال لها: والله لقد كنت انا ذلك السائل الذي كان يسالكما اولا..
من هذا نعلم ان دوام الحال من المحال. وان الايام دوال. مصداقا لقوله تعالى:( وتلك الايام نداولها بين الناس) وانه كما يدين الفتى يدان .
والسلام عليكم